الصفحات

تحدي الثلاثين يوما ( القصة الكاملة )


تردد
.... أشبه الكثيرين، عندما يتعلق الأمر بكلمة تحدي يستثار العقل بحافز تحقيق الأهداف وإحراز النجاحات، لكن التفكير في مشاق الطريق وضغوطات العمل، في القلق المضطرد الذي يضر بمواعيد النوم، وفي خيبة الأمل في تحقيق إنجاز ما، كل هذا يجعلنا نتردد عادة، ونجد الأعذار الجاهزة لتبرير عزوفنا.
لقد حدث هذا معي، وكنت علي وشك أن أتوقف تماما عندما أرسلت نموذج الاشتراك الخاص بأهداف التحدي خاليا من الأهداف، لقد كان خطأ تقنيا صغيرا كافيا للتراجع، لكنني لحسن الحظ لم أفعل!
ضغط العمل والدراسة
يعني لي عملي كمدون مستقل متنفس من ضغوطات الحياة- قد يبدو هذا غريبا- لكنه العمل الذي أشغف به والذي يتيح لي فرص لا محدودة من الإبداع الفكري والتميز الخلٌاق، وهو الشيء الذي أفتقده في واقعي المتشابك الذي يشهد صراعات متصلة لأكثر من عام مضى، إذ تصحو مدينتي وتنام علي أصوات الرصاص والقذائف، علي هذا عشت شهرا كاملا من المثابرة نحو أهداف محددة، بحيث غيرت واقعي تماما فلم أعد أعرف شيئا عما يحدث خارج غرفتي. 
فقط واجهت تحديا حقيقا في موازنة العمل علي رسالتي، بالإضافة للعمل علي أهداف التحدي في آن واحد، وكنت أقع تحت ضغط شديد بسبب قضاء جل يومي بين الطباعة، والبحث علي مواقع الكتب العلمية لاستيفاء متطلبات الكتابة البحثية، لقد كان عملا شاقا ومملا في ذات الوقت، بالمقابل كانت الساعات التي أقضيها بالعمل علي أهدافي من النفاسة بما كان، كنت أقسم أيام الأسبوع مناصفة بينهما، بالطبع لم يكن الأمر يخلو من التداخل والتأخير، لكن كان يوم الجمعة كفيل بإعادة ترتيب المختلط وإنجاز الأعمال العالقة.
من المهم أن أذكر أنه كان لي في كل يوم ساعة خاصة بممارسة الرياضة، وتناول القهوة مع أسرتي، لكنني حقيقة افتقدت هواياتي الأخرى ومطالعتي خارج نطاق العمل، و اضطربت مواعيد نومي بسبب الانشغال المتصل للذهن، ثم صار كل شيء علي ما يرام عندما توصلت لقناعة صادقة مفادها أن عدم الفوز لا يعني الفشل مطلقا قد كان التحدي من النمط الذي يعزز المعرفة، وينقلك إلي محطات متقدمة بشكل مستمر. 

    


علي طريق النجاح
الفجر آذان بحياة جديدة، لقد كانت أشعة الحاسوب خاصتي تشرق قبل أشعة الشمس، كنت استيقظ باكرا حيث يكون خط الإنترنت بأفضل حالاته. وعندما تمكنت من تسليم مقالي الأول للمدونة التي التحقت بها حديثا غمرني حس من الرضى، لقد كنت فخورة فعلا بإنجازي، ثم أضافته لمدونتي الشخصية فإذ به يحقق عدد من المشاهدات لم أكن أتوقعه وهذا كان فقط واحد من أهدافي لنوفمبر العمل.
في الوقت نفسه كانت مطالعاتي وهوايتي القديمة بالرسم والألوان تقودني لاتجاه محدد ناحية تصميم الجرافيك كنت أتقدم بالفعل بالجانب المعرفي الذي يشكل هدفي الثاني للتحدي، لكن علي الجانب الأخر كان حسابي علي خمسات ومستقل لا يسجل أي تغيرات، مع هذا أنجزت تدوينتي الأولي وضمنتها عمل الأسبوع الأول، وأيضا لا شيء يتغير بخصوص حساباتي، ثم أنجزت تدوينتي الثانية في طريق التحدي لكنها لم تحظى بفرصة الفوز، لقد كنت أعول عليها بالفعل في اكتمال تحقيق أهدافي.
 تعلمنا الحياة كل يوم أنها لا تحابي أحدا، و أن التقدم ليس إلا نتيجة تكاد تكون موقوفة تماما علي المثابرة، وإن ما يخفف وطأة الشعور بالفشل هو وجود العقل الذي يمنحنا بدائل جديدة للتجربة كل يوم، و لأن الشغف هو الحالة الموصولة من إعمال الذهن في الأشياء التي تلامس القلب، يتدفق الفكر الإنساني العظيم بطرح متجدد في كل شيء حتى لتستغرب كيف يتسع الزمن لكل هذا في عجلة التسارع التي لا تتوقف، وفي سوق العمل كما في سوق الحياة، ما يخفف حدة قلقنا بشأن الإنجاز هو شعورنا الصادق بأننا قد بذلنا أفضل ما كان بوسعنا أن نقدمه في وقته.
هكذا .. وفي اليوم السابع والعشرين فاجأني مستقل بإعلان فوز تدوينتي الثالثة، قد كان شعورا من البهجة أضاء يومي كاملا.
الأول من ديسمبر
اليوم ( وأنا علي أول الطريق ) أكتب قصتي الكاملة التي تشبه قصص مئات الأشخاص المبتدئين مثلي، ولأني وجدت أن الإطلاع، والتعلم، والمثابرة، هن السبيل الحقيقي لتحقيق الأهداف، فإنني أتابع دروس التصميم علي منصة إدراك، وأثابر علي عروض خمسات ومستقل، والخبر الجيد أنني سأناقش رسالة الماجستير في غضون شهرين من الآن، الأمر الذي سيمكنني من توسعة نشاطاتي بفاعلية أكبر.
لا شيء يضاهي متعة الإنجاز واكتشاف السبل المؤدية إليه، تلك المجاهل المركبة من التجربة والخطأ التي تعيدنا مرارا لمفترق الطرق، لنتخذ قرارات جديدة وإستراتجيات مختلفة في كل مرة.
إن بهجة الاقتراب من الهدف والإيمان المشبع باليقين بالوصول الموفق لنقطة الانطلاق التالية ، هي وهي فقط ما تمنح الحياة معنى النمو الذي لا تعرف عنه الجمادات شيئا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لطفا أترك كلمة تعبر عن رأيك بالمحتوى .. شكرا لزيارتك .