نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المذنبة


بحسب اهتمامات الكاتبة .. يناقش الكتاب في مجمله أوضاع المرأة - منتصف القرن الثامن عشر- وما تعرضت له من المتاعب النفسية والجسدية بسبب الضغط الأسري والمجتمعي، لا فرق في ذلك بين طبقة النساء المترفات أو طبقة الخادمات وإن كانت المعاناة تبدو أشد وطأة لدى النساء الكادحات اللاتي يقضين معظم النهار في المطابخ وغرف التنظيف. على الجانب الآخر فإن الطبقة التي ترفل في المخمل تبدو الأقل حظا من الحرية، فهن مقيدات بنظرة المجتمع التي تضبطهن بإطار يصعب كسره ويستحيل معه الاحتفاظ بخصوصية الكيان أو التميز فلا خيارات في حياة فارغة تماما إلا من الزينة والموضة والحفلات التي تبدو فيها النساء نسخ تكرر بعضها!
أما الكتاب نفسه فهو بناء درامي متكامل يجمع التاريخ إلى الاجتماع إلى الطب وعلم النفس، ويستند فنيا على واقعة حقيقية تحكي جريمة قتل مروّعة حدثت بمدينة تورنتو الكندية طارت أصدائها إلى أمريكا وأوروبا وشغلت الرأي العام طويلا، فالفتاة المتهمة بالجريمة لم تتجاوز الخمسة عشر ربيعا آنذاك.
وقد صيغت الرواية في شكل محادثة طويلة بين الفتاة (المذنبة) وطبيب الأمراض العقلية الشاب الواعد الذي يحلم باكتشاف أكاديمي يبرزه، ولمزيد من التشويق يضعنا الكتاب في دوائر متداخلة بين وقائع ذكريات الفتاة، وأحداث من يوميات طبيبها الذي بدأ يفقد التفسير المنطقي ويعاني من اختلاط فكره ولنقُل بأنّه رحل دون أن يحرز ما جاء من أجله.
كقارئة .. أجد أن الكاتبة استطاعت ببراعة شد الانتباه منذ صفحاتها الأولى، ووظفت الكثير من التفاصيل الحقيقية عن حياة بطلتها لإضفاء الحيوية ولتضعنا أمام أدق تفاصيل حياتها كخادمة بدايةً وما تلقته من الدعم الإنساني من علاقتها بأعز صديقة لها - الأمر الذي أضاف ما يشبه الاتزان النفسي والوظيفي قبيل الكارثة التي نقلتها إلى حياة السجن وأهواله لاحقا.
والمثير في الرواية أنها تستطيع أن توصلك لتصور كامل عن كيفية ضياع شطر العمر في اللاشيء وكيف يمكن لحكم (السجن المؤبد) أن يلغي تماما ترتيبات الحياة الطبيعية للإنسان ويشطب كل ما له صلة بمعاني (الأمل)، مع هذا لم تهمل الكاتبة البناء الأدبي الشيق فقد اختارت لدعمه مقتطفات من القصائد والكتب والرسائل وضمنته شيء من المفاجأت الصادمة لقارئها.
بالإضافة إلى (نهاية) تبعث الراحة وتخفف وطأة الشد المرهق لتواتر الأحداث.
أمنح الكتاب 5 نجمات بجدارة، وإن كان ثمّ مأخذ فهو في الأمر المتعذر (روح الترجمة) التي عودنا عليها كبار المترجمين من أمثال (منير البعلبكي) رحمه الله، مع خالص التقدير لجهد المترجمة.
* أخيرا أؤكد أن (متعة الكتاب فالتفاصيل )
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لطفا أترك كلمة تعبر عن رأيك بالمحتوى .. شكرا لزيارتك .