نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الذي ينقصك!

" قل لي بما تتبجح (تتفاخر) .. أقول لك ما الذي ينقصك! " ✒ لقائلها.
هذه العبارة النفسية شديدة الدقة بالغة الذكاء، لكن تحتاج لنظر ثاقب كي يحقق فيها أو لنقل يتحقق منها، حينها سنجد أن (الذي ينقصك) غالبا ما يكون نقص معنوي غير ظاهر للعيان، بحيث يصعب على المرء رصده من نفسه أو من الأخرين، هذا (الذي ينقصك) قد يكون شكلا من أشكال الوجع العاطفي في أحسن الأحوال، ويتدرج إلى الأسوء ليكون نوع من الجوع إلى ما في يد الأخرين، وهو مرادف للحسد المموه، وكلما كان الإنسان فارغا روحيا، كلما زادت هوة النقص هذه حدا لا قرار له.

أكثر الناس اليوم تحاول جرك إلى ميدان وضيع من المنافسة، هذا الميدان قائم بالكامل على مكتسبات الحياة، في حين إن الله سبحانه قرر مضمار مختلف تماما للمنافسة حصره بالكامل في مكتسبات الأخرة وأرشدنا للوسيلة التي نطوع بها مكتسبات الدنيا من أجل الهدف الأخروي الأهم، وقال تعالى (
وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ  ).

ولنتحدث عن شخصية شهيرة ذكرت في القرأن، وهي شخصية قارون الذي كان يخرج على قومه في زينته فخرا وخيلاء فباغته الجزاء بالخسف، اللافت أن الله سبحانه لم يذكر شيئا عن تفاصيل الحياة الشخصية لقارون ولم يشير لداء (النقص) الذي كان يعانيه، لأنه ليس على المريض حرج.
لكنه سبحانه أكد إلى أن الجزاء كان بسبب منازعة رب العباد في فضله.
يقول قارون ( إنما أوتيته على علم عندي) والمقصد إنما اكتسبته بمعرفتي وأحميه بقوتي ولا معقب لأمري ومشيئتي فيما أملكه، فتفرجوا أيها الضعفاء على ما لا تقدرون عليه ولا تملكون مثله! ونسي أن الذي يعطي هو الذي ينزع، فجعله الله مثلا للذين يتفكرون.
صحيح أن الفخر شعور فطري كامن فينا وإنكاره بالكامل يخرجنا عن الطبيعة البشرية، لكن هناك شعرة تفصل العفوية عن سبق الإصرار، ولا يمكن لأمرئ أن يخطئها من نفسه وإلا لم يضع الله (التفاخر) تحت التكليف بالنهي، لذا كان قارون مسئولا عما حل به بشكل لا لبس فيه، ويبقى رصد ( الذي ينقصك) للفطنة والذكاء (وقد عزّ الكمال في الحياة)!
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لطفا أترك كلمة تعبر عن رأيك بالمحتوى .. شكرا لزيارتك .