نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

تأملات في معاني الافتقار

ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)
حين تعمل التصور في مشهد هذه الأية الكريمة، يتراءى لك نبي الله موسي عليه السلام مسندا ظهره إلى ظل شجرة وارفة مرددا دعاءه بقلب يقظ صادق، بعد أن انهكه الجوع لأيام وليالي في رحلته من مصر إلى مدين، ليس له من الطعام إلا البقل وورق الشجر، حافي القدم قد سقط نعله لطول المسير، وهو صفوة الله من خلقه، فليس أدل من هذا علي هوان الدنيا عند رب العباد، وإلا كان أحق الخلق بزهرتها رسل الله وخاصته .
فإذا بذاك القلب الكريم يناجي ربه مفتقرا لفضله" إني لما أنزلت إلي من خير فقير " هنا نتسأل لما وفّق نبي الله موسى إلى لفظ الإنزال بصيغة الماضي ( أنزلت ) بدل اعطيت، أو هبت، أو قدمت ..... أو غيرها من المترادفات ؟
لأن الإنزال لا يكون إلا من علو، ففي الأية إشارة إلي أدب الخطاب مع الرب تبارك وتعالي، واعتراف بدنو المقام بجانب عظمة الله وجلاله.
أما صياغة الفعل علي وجه الماضي ( أنزلت ) بدل ( ستنزل ) فهو دلالة علي أمرين:
أولهما عظيم الثقة بتحقق الوقوع، وثانيهما إشارة إلي أن الخير قد نزل قبل الطلب، لكن أوان التحقق لم يئن بعد حتي بلغ الافتقار ذروته، والله يعلم ويقدر وهو ألطف بعباده من أنفسهم.
ولعل نبي الله موسى ردد هذا الدعاء طويلا قبل لحظته تلك، أو أنه ألهم القول الحق في ساعة الفصل لتجئ الإجابة كفلق الصبح سطوعا و بهجة.
"فجاءته إحداهما تمشي علي استحياء " ولقد كان موسي حائرا فهدي، جائعا فاطعم، غريبا فركن إلى بيت شرف، عزبا فتزوج، خائفا فأمن، وكل هذا من معاني الخير وفواتحه.


إن مجافاة الكبر، واظهار أسباب الافتقار إلى الله من أعظم موفقات الإجابة.

شاهد أيضا :
المفقودات السبعة التي تقودك للبؤس دون توقف
سحاب

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لطفا أترك كلمة تعبر عن رأيك بالمحتوى .. شكرا لزيارتك .