نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

رسائل إلي صديقة الفكر .." محاولة مضنية لفهم مغزي الحياة "



قد لا يتسنى لنا جميعا - علي امتداد أعمارنا - أن نحظى بفرصة مرافقة أشخاص متفردين، من ذوي المهمات الخاصة بمعنى أو بأخر، ممن تكون حياتهم سلسلة من التحولات الشاقة والعنيفة أحيانا.
فما أن يستقر بهم الحال علي نحو ما حتى تأخذهم تقلبات الدهر إلى حال مغاير، ويبقى السؤال الوجودي معلقا :
متى المستراح ؟؟؟
* همزات الشك 
منذ كنت في العاشرة تقريبا ربطتني علاقة متينة بصديقة من مثل أولئك الأشخاص، فكانت عمرا من الصحبة، والمودة والصداقة والأسرار والنجاح والفرح وكثير من المواساة .
و بعيدا عن التفاصيل الغريبة والمتلاحقة والمؤلمة التي أحاطت بحياة صديقتي منذ سنوات عمرها المبكرة، كنت - كلما التقينا أو هاتفتني لتحدثيني  عن تطور أحداث حياتها، أو بلفظ أدق " تدهور" الأحداث - أقرا في كل مرة كيف أن الله يهيئ صفوة من عباده إلي درجات عليا من الكمال الإنساني، لا يمكن أن تمنحها إلا المحن !!
تتمتع صديقتي هذه بشخصية قوية وناضجة وعلي درجة عالية من فهم الأمور، وتقديرها علي أصح الأوجه، لكن تلاحق المصائب قد تسقطها أحيانا في همزات الشك المرير، فتلتمس حاجتها لأناس مقربين ممن يستطيعون مساعدتها علي تبين الطريق مجددا، وتقويم المسارات التائهة من الفكر.
* شفقة 
و بسبب المنظور القاصر الذي يقدح في كمال الفهم، كانت صديقتي تتألم من أحاسيس الشفقة، ذلك أن المجتمع من حولها لم يكن قادرا علي إعطائها مشاعر أكثر إيجابية، لا ولم يسعفه إدراكه ذو الموازين المعاكسة أن يعترف لها أنها امرأة جد مميزة، لأنها كانت قادرة وبفاعلية علي التعاطي مع ظروف حياة غير عادية.
حيث أن القياس الصحيح لا يكون إلا علي الثوابت، أما الحياة التي تحمل الكثير من الأوهام و الخيبات، لا يمكن إلا أن تكون في ذاتها موضعا للإشفاق والحذر !!
وهي أيضا -أعني الحياة - موضع للمباهج والزينة، والسعي المتلاحق لتحقيق معادلات شاقة للاستقرار فيها والتمتع بزهرتها، الأمر الذي يقودنا بإلحاح لتمعن في فلسفة السعادة.
* سعادة 
السعادة في الدنيا لفظ وهمي، مبني علي منغصات كثيرة، قائم علي النقص، لماذا ؟ لأننا لسنا من نختار وجهتها، ولا نحصل منها غالبا علي ما نريد، وإن حدث وكان فبقدر.
 يقول الله عز وجل في السعادة  " فأما اللذين سعدوا ففي الجنة ...." فإذا الجنة مكان الخيارات التي لا تحصى ولا تمنع ولا تنقطع، أما في الحياة فإن لفظ ( قرة عين ) يمكن أن يكون بديلا جيدا، وواقعي عن كلمة السعادة، يقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - " جعلت قرة عيني في الصلاة " وبالرغم من أن قريشا كانت مجتمعا ذكوريا بامتياز، إلا أن الله أختار لنبيه الصلاة، كأسمى القربات التي يمتلئ بها القلب رضى، بديلا عن فخر الولد.
* قرة عيني 
عود علي بدء، ومنذ بضع أيام مضت أضحت صديقتي تلك أرملة بثلاثة أطفال، وفي إشارة لفضل الآخرة، حدثنا رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - عن نساء يزاحمنه عند باب الجنة قدمن حياتهن ثمنا للعناية بصغارهن.
لكن الحياة نفسها عادت لتطرح علي سؤالها الساذج متى ستسعد صديقتي؟ فجاء الجواب المنطقي ينقض معنى السعادة، ويقول : لعل الله يجعل تربية أطفالها - مع المشقة - قرة لعينها.
لكن سؤال الفكر الملح الذي هو بحاجة التوقف فعلا، ما هي قيمة الأشياء التي نتخذها قرة عين في حياتنا، إن الإجابة علي هذا السؤال أمر يكاد يكون بأهمية الحياة ذاتها، ذلك أن إجابته هو إجابة أسئلة كثيرة حائرة، تدلل علي بعد النظر وعمق الفهم، ومن ثم إصلاح الموازين وعدل الإحكام، إذ ثم من الأشياء ما هو غير قابل للشفقة البتة.

شاهد أيضا :
عصفور
كان صديقي و انكسر السوار


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لطفا أترك كلمة تعبر عن رأيك بالمحتوى .. شكرا لزيارتك .